دينياً

مقالات
  • 10-01-2021, 05:11
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
 

علاء هادي الحطاب 

استكمالا لما بدأناه في مجموعة مقالات سابقة نسلط الضوء فيها على مكامن الخلل وآليات معالجته بطريقة الاشارة الموجزة لا التفصيلية المختصة، وتحدثنا عن واقعنا السياسي والاقتصادي والثقافي والفكري والمعرفي "مشكلة وحل"، واليوم اذ نتحدث عن واقعنا الديني نفهم اننا نشتغل بمساحة صعبة وحساسة، اذ ان الناس لا تقبل توجيه النقد او تأشير مكامن الخلل في الجانب الديني كونها ستفهم ذلك مساسا بالدين او الطائفة نفسها وهذا بالنسبة لاغلبية الشعب العراقي على اختلاف مشاربهم "خط فوق الاحمر" لا يمكن المساس به، ولتوضيح مرادنا هنا سيكون حديثنا عن الادوات والاليات لا عن الدين نفسه وعقائد الناس وايمانهم.

مشكلتنا دينيا هو عدم وجود ضابطة معينة تضبط ايقاع الخطاب الديني، والامر متروك لثقافة وايديولوجية الخطيب الديني او المتحدث او المنبري، مع عدم وجود ضابطة قوية على ادوات تسويق الخطاب الديني سواء كانت قناة فضائية او احدى منصات التواصل الاجتماعي او حتى الجوامع والحسينيات، وهنا لا نتحدث عن تكميم الافواه او اعادة عقارب الساعة الى ما قبل 2003 بل نتحدث عن وجود ضوابط مؤسساتية مختصة وفق تشريعات وقوانين ومن ثم تعليمات تصوب حالات الانحراف في الخطاب الديني التي تصدر من هذا الفرد او ذاك، نفهم جيدا اختلاف عقائد الناس دينيا، لكن واقع الحال ان ما يجمع المسلمين "على الاقل" اكثر مما يفرقهم، وهناك اكثر من وسيلة لطرح الموضوعات الخلافية إن استلزم الامر ولدينا نماذج جيدة في هذا الشأن كالمرحومين الشيخ احمد الوائلي والشيخ محمد متولي الشعرواي، اذ انهما اذا اضطرا لطرح بعض الاختلافات العقائدية لا يستلزم الامر منهما نصب العداء للاخرين بل يكون طرحهما عقلائيا لا تجريح ولا تخوين فيه، لانهما "انموذجا" يدركان جيدا ان الخطاب الديني بحد ذاته مؤسسة تنشئة اجتماعية مهمة للاجيال، فأذا كان هذا الخطاب طائفيا يركز على تخوين الاخر المختلف فان نتائجه ستكون وخيمة وسيكون بيئة جيدة لعدم الاستقرار الاجتماعي، سيما ونحن مانزال نعيش ارهاصات التخندقات الطائفية ولم نغادرها، بل انها تزدهر مع اي حدث فيه جنبة طائفية.

لذا علينا إيجاد ضابطة مؤسساتية لحفظ النسيج الاجتماعي من هكذا نوع من الخطاب ولدينا مؤسسات دينية حكيمة وفاعلة ولدينا مرجعيات دينية معتدلة من كل الاطراف، وهناك عشرات المبادرات والخطوات في هذا الاطار، لكنها لم تستمر واقتصرت على الزيارات والبيانات المتبادلة.

حتى اليوم لا يوجد عمل مؤسساتي لايجاد مساحات عمل مشترك حقيقية من شأنها وأد اي مشروع لخطاب او حراك طائفي تغذيه اطراف داخلية او خارجية، لذا نحتاج الى هذا العمل المؤسساتي مع وجود كل مقدماته، فحالة التعايش السلمي المذهبي الموجودة في العراق غير موجودة في كثير من الدول العربية فلا يجد الشيعي او السني غضاضة ان يجلسوا ويعملوا معا بل لا توجد محددات لزواج الشيعي من السني والسني من الشيعي وهكذا، واكاد اجزم ان هذا الامر مفقود اطلاقا في اغلب الدول الاسلامية باستثناء العراق، وهذا مؤشر جيد لامكانية ضبط ايقاع الخطاب الديني في ان ينزلق باتجاهات تفرق ولا تقرب.

على الضفة الاخرى اغلب المسلمين في العراق يحترمون بقية الاديان الموجودة في العراق وهذا الامر بحاجة الى ارسائه وتثبيته مؤسساتيا فضلا عن تأصيله منهجيا في وسائل التعليم والخطابة كافة.