اقتصادياً

مقالات
  • 20-12-2020, 06:59
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
علاء الحطاب 

لا يمكن فك ارتباط الاقتصاد بالسياسة والسياسة بالاقتصاد وكلاهما في الوضع الاجتماعي لأيّ بلد، بل حتى الواقع الثقافي والفكري والديني مرتبط بهما كوحدة واحدة لا يمكن اصلاح جزء منها دون الاخر، ومن اجل الانتقال الى حالة الدولة فلابد من وضع حلول بشكل متوازٍ لكل تلك القطاعات، فكيف يستقر الوضع الاجتماعي والمواطن يعيش حالة (صعد الدولار- نزل الدولار، اطلقوا الرواتب - تأخرت الرواتب، ارتفع سعر النفط - انخفض سعر النفط)، فالعراق كبلد لا يملك اية سياسة اقتصادية، وبالكاد فهو “دكان يبيع النفط ليوزعه رواتب وبعض الخدمات البسيطة لمواطنيه”، ولم يفكر راسموا السياسات العامة بوضع سياسات بديلة عن عمل هذا “الدكان".
اساس مشكلتنا ليست فقط بريعية اقتصادنا الحالي، بل الاصرار على هذه الريعية رغم وجود مقومات ومسارات اخرى غير النفط، فليس معقولا لبلد فيه نهران يجريان طولا وبحيرات واهوار وجبال وسهول وارض منبسطة وصحارى وموارد طبيعية اخرى غير النفط كالفوسفات والكبريت والغاز المصاحب واماكن ومراقد مقدسة يزورها مئات الالاف سنويا، فضلا عن موقعه الجيوسياسي، وهو لا يزال يأكل ويشرب ويلبس استيراد من الخارج، حتى بات يفقد أمنه الغذائي الذي يُعد اساس بقائه كدولة لا يمكن ان تساومها دولة جوار او غير جوار فيما يأكل ويشرب ويلبس ابناؤها.
الحلول كثيرة لمن اراد الحلول، وما نحتاجه فقط اخلاص وعمل من اجل بلد ندعي انه علم البشرية القراءة والكتابة، واهم تلك الحلول التي لا مناص من ايجادها هو الزراعة والصناعة فلا بد من ان يضعهما القائمون على ادارة الدولة في اولى اولوياتهم ويمكنوا بلدا تجاوز عمره السبعة الاف عام من زراعته وصناعته، وتبقى كل الحلول دون ذلك ترقيعية وغير عملية، فلا يمكن ان نؤمن أمننا الغذائي الا من خلال زراعتنا، وامننا الاقتصادي الا من خلال صناعتنا، وجميعنا يعرف أن الزراعة والصناعة في العراق توقفتا لاسباب ومصالح حزبية ومافيوية لا اكثر، وبقراءة سريعة لمستوى التبادل التجاري بيننا وبين جيراننا والذي هو بالحقيقة تبادل من طرف واحد فهم يصدرون ونحن نستورد سنكتشف ان يدا بشرية لمصالح شخصية وفئوية وحزبية لا تريد لزراعة وصناعة العراق ان تعودا الى سابق عهدهما.
الحل في تمكين المزارع والصناعي العراقي، نعم ستكون الشهور او حتى السنوات الاولى صعبة على المواطن الذي سيجبر بعد سنين طويلة ان يشتري المنتج المحلي رغم تواضع نوعيته وكفاءته، لكنه سيلمس سريعا ايجابية ذلك عندما يرى شبابه يعملون في هذه القطاعات، وهذا يعني كجزء ما يعنيه هو عدم خروج العملة الصعبة التي نبيع نفطنا من أجلها، وكذلك توفير مئات الالاف من فرص العمل لشبابنا الباحثين عن تلك الفرص، وتشغيل حركة السوق ذاتيا، فمن ينتج بضاعة مهما كان نوعها سيشتري اخرى وهكذا دواليك.
يا سادة يا كرام، الامر لا يحتاج الى نظريات اقتصادية معمقة لاننا ببساطة نملك موارد كثيرة داخل الارض وخارجها، وكل ما نحتاجه هو سياسة عامة تمكّن المنتج المحلي من المنافسة ومن ثم الصدارة عندها إن ارتفع سعر النفط او انخفض، صعد الدولار او انخفض، جاء الراتب ام تأخر، سيجد المواطن بدائل كثيرة ليدير حياته على الاقل بكرامة ويؤمن حاجياته ذاتيا.