ذوو الهمم العالية .. قصص الإرادة و العزيمة من الواقع

تحقيقات وتقارير
  • 14-12-2020, 09:51
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
النجف الاشرف – واع - حيدر فرمان 


تمتزج قصص الفرح بالحزن ، و يخالط الإنجاز كثير من التحديات ، وهو ما يتجلى في حالة أبطال رياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة ، ممن فقدوا أطرافهم نتيجة انفجارات سيارات مفخخة أو أسباب خارج إراداتهم ، و حقق بعضهم إنجازات محلية وعربية و دولية عبر مشاركتهم في بطولات عدة .
المهم ليس ما هو مفقود ، بل ما هو موجود ، و إذا كان المفقود هو طرف من أطراف الجسد ، او قدرة على المشي ، فإن الموجود أكبر بكثير ، العزيمة ، حب التحدي و الأمل و كل الأفكار الإيجابية التي يبثها الرياضيون من ذوي الاحتياجات الخاصة .
انطلقت الألعاب البارالمبية للمرة الأولى في روما في العام 1960. كانت الحرب العالمية الثانية قد تركت عددا لا يحصى من المدنيين و العسكريين الذين فقدوا قدرات جسدية كالمشي والنظر وغيرها . ولأن هؤلاء قرروا أن الحياة لم تتوقف فإنهم لجأوا لممارسة الرياضة . و كانت إقامة ألعاب أولمبية خاصة بهم بمثابة اعتراف عالمي بأنهم ليسوا مختلفين ، بل بتحدياتهم الخاصة .
ويواجه الرياضيون من ذوي الاحتياجات الخاصة في العراق عدة صعوبات ، أهمها قلة المخصصات المالية ، و عدم اهتمام الجهات المعنية بتطوير قدراتهم ، و توفير بيئة مناسبة لهم ، تمكنهم من الاستمرار في الحياة بشكل اعتيادي .
محمد أحد الرياضيين من ذوي الهمم تحدث لوكالة الأنباء العراقية (واع)، عن تجربته بعدما فقد أحد أطرافه بسبب عملية إرهابية قائلاً :"لم أفقد الأمل بعدما بترت ساقي و أصبحت جليس الفراش لمدة عام ، استجمعت قواي مرة أخرى لأدخل خضم الحياة كسابق عهدي ، كنت أحب كرة السلة منذ الصغر ، و زاد شوقي بعدما شاهدت مباريات الألعاب البارلمبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، لذلك صارت عزيمتي أقوى لأدخل في إحد النوادي الرياضية في محافظتي ، لأبدأ مسيرتي الرياضية على كرسي متحرك ، و أدخل غمار هذه التجربة الرائعة التي غيرت مني الكثير ، و جعلتني افتخر بما وصلت إليه من مشاركات محلية و دولية ، لذلك أدعو كل من يشبهني أن لا يفقد الأمل ، فرحمة الله أوسع من كل شيء ، فعندما تفقد شيئا ، سيكون البديل حاضرا بمحض إرادتك ، فقط لا تيأس و توكل على الله". 
عذراء هي الأخرى لها قصة نستلهم منها معنى الإرادة الصلبة ، فتلك الفتاة العراقية التي تعرضت لحادث سير بتر على إثرها إحدى ساقيها ، استطاعت أن تنهض من جديد لتكمل دراستها و هواياتها دونما كلل تحدثت لـ(واع) قائلةً: " في البداية دخلت في دوامة من اليأس و أمست حياتي مظلمة بسبب فقداني لساقي ، لكن بمساعدة أمي و أبي و أخوتي و أصدقائي ، انتشلت جسدي من المياه المظلمة التي حاصرت روحي عدة أشهر ، و بمشيئة الله عرض علي أحد أقاربي دخول ناد متخصص لذوي الهمم ، فوجدت هناك إحدى هواياتي تنتظرني ، لكن بشكل مختلف ، هنا بدأت قصتي مع تنس الطاولة من جديد ، بعدما كنت أمارسها في المدرسة و الجامعة في أوقات فراغي ، و أصبحت أطمح للمزيد ، و أتمنى أن أصل لأعلى المستويات و أمثل بلدي في المحافل الرياضية الدولية" .
بضعة حروف تفصل بين العجز بمعناه المادي و الجسدي ، هذه الحروف القليلة تغطيها مفردة ، قد يراها البعض في مواقفهم الحياتية المظلمة و المعاندة للأحوال .. مرهماً بلا مفعول ، أو قرصاً مسكّناً يزيد الألم ، إنهم رياضيون معاقون ، نماذج مشرفة تأبى الأفول على الرغم من معاناتهم بكل ما تحمله الكلمة من معنى .