ما بعد تشرين

مقالات
  • 25-10-2020, 05:37
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
علاء هادي الحطاب


نستطيع الجزم الى حد ما ان السلوك السياسي ما بعد 25 تشرين الاول عام 2019 يختلف بعض الشيء عنه اليوم بعد مرور عام كامل على انطلاق التظاهرات وما رافقها من احداث وتضحيات ودماء وقرارات غيرت من  اداء الطبقة السياسية سواء في جانبها داخل السلطة او خارجها من خلال اداء تلك الاحزاب السياسية. 
نعم لم يصل المتظاهرون بعد الى سقف طموحهم وهنا نتحدث عن سقف الطموح الواقعي، لكن التظاهرات في طبيعتها تكون مقدمة واداة ضغط لفعل اكبر منها على المستوى الاجرائي سواء السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي اي الازمة و المشكلة التي اوجدت التظاهرات، فالتظاهرات ليس مطلبا بذاتها بل هي فعل لمطلب او مطالب متعددة، وكانت تظاهرات تشرين ولا تزال ضاغطاً مهماً على الطبقة السياسية في اصلاح النظام من داخله لا من خلال انقلاب عسكري او ثورة شعبية او احتلال خارجي، اذ ان اصلاح النظام من داخله وان استلزم وقتا اطول، لكنه اقل كلفة من بقية وسائل تغيير النظام. 
تظاهرات تشرين جعلت الطبقة السياسية تفكر بشكل مختلف عما كانت عليه قبل هذا التاريخ وجعلتها تدرك تماما ان الجماهير اكثر وعيا من السابق في ما يخص تقييمها لاداء تلك الطبقة السياسية ولا مجال للمسوغات الطائفية والعرقية والاثنية شفيعا لسوء الاداء السياسي، كما حركت المياه الراكدة داخل الاحزاب والتيارات السياسية في طبيعة فهمها لحاجات الناس التي لم تحتمل التأجيل او التسويف اكثر من هذا، اذ بات وجودهم على المحك تبعا لادائهم لا طوائفهم ودياناتهم وقومياتهم وغيرها من اسباب وجودهم التي اعتادوا عليها في السنوات السابقة.
نعم لا نغالي كثيرا في ان تظاهرات تشرين حققت كل ما كانت تسعى اليه فلا يوجد حراك شعبي يحقق كل سقف طموحاته اذ ان طموحات المتظاهرين مختلفة ومتفاوتة وبعضها لا تحده حدود المنطق والعقل والواقع، وهذه حالة طبيعية، لكن استمرار “ فكرة التظاهر” في سبيل نيل الحقوق من دون اللجوء الى وسائل عنف اخرى مؤشر على حضارية الامة التي تنشد التغيير او الاصلاح ورقي تفكير ابنائها في فهم واقعهم وشعورهم بمسؤولية “ المواطنة “ ازاء بلدهم. 
نعم لم تكن تظاهرات تشرين خالية من الاخطاء ولا تزال، لكن وجود اخطاء وتدخلات ومصالح في كل فعل جماهيري خال من القيادة امر طبيعي في اطاره كفعل جماهيري عفوي غير مخطط بشكل مدروس من خلال قيادة واضحة المعالم.
الواضح ان تعاطي الطبقة السياسية مع جمهورها وغير جمهورها وادائها اختلف ما بعد تشرين وان لم يكن ذلك التغيير بمستوى طموح المتظاهرين، لكنه يبقى خطوة مهمة في تمثيل “ سيادة الشعب “ الداخلية وحاكميته الفعلية التي توجد كل فعل سياسي مهمته تأدية وظائف السلطة السياسية .