بلاسخارت : ندعم جهود حكومة الكاظمي في فرض السيادة

محلي
  • 13-07-2020, 06:18
+A -A

بغداد-واع - حازم محمد حبيب

أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس- بلاسخارت استمرار دعم المنظمة الدولية للحكومة العراقية في جهودها المبذولة لمكافحة جائحة كورونا، والعمل بشكل وثيق مع وزارة الصحة لتقديم كل سبل المساعدة في إطار تطويق الوباء، كما رحبت الممثلة الأممية بالحوار العراقي - الأميركي وأي حوار آخر يسهم في استقرار العراق وازدهاره وسيادته على المدى الطويل، مجددة الدعوة إلى ضرورة تجنيب العراق تنافس المصالح بين الخصوم الإقليميين والعالميين، ودعت بلاسخارت في حوار خاص أجرته معها “الصباح” إلى استمرار العمل من أجل إقامة انتخابات شفافة «تعيد بناء ثقة الجمهور العراقي» مشددة على ضرورة حماية المفوضية العليا المستقلة للانتخابات من التدخل السياسي.

جائحة كورونا
واوضحت بلاسخارت، بشأن تقييم الأمم المتحدة لجهود الحكومة في مواجهة جائحة كورونا وإجراءاتها، ودور المنظمة الأممية في دعم العراق في مواجهة الجائحة ماديا ومعنويا، «في 11 آذار 2020، أعلنت منظمة الصحة العالمية WHO فيروس كوفيد- 19 جائحة عالمية، ودعت الدول إلى تفعيل آليات الاستجابة للطوارئ وتوسيع نطاقها، وتبني نهجِ (الحكومة بأكملها، والمجتمع بأكمله) وهو مبنيِّ على ستراتيجيةٍ شاملةٍ للوقاية من العدوى وإنقاذ الأرواح والحد من التأثير”.
وتضيف الممثلة الأممية، ان “العراق معرّضٌ للخطر على وجه الخصوص بسبب محدودية خدماته الصحية، ونتيجة لموقعه الجغرافي في منطقة تسجل أعداداً كبيرة من حالات كوفيد-19”، مؤكدة بالقول “على الرغم من المحدودية الكبيرة في القدرات والموارد، كانت استجابة الحكومة للجائحة سريعة، ولا بد لي من التأكيد على أنه جهد عراقي تقوده السلطات الوطنية، مع دعمٍ من الأمم المتحدة بالمشورة والخبرة الفنية، وكذلك تحويل بعض المساهمات المالية من البرامج لشراء المعدات”.
وتابعت الممثلة الأممية “وبدعم من منظمة الصحة العالمية WHO، وضعت الحكومة خطة للاستجابة، ومنذ منتصف آذار الماضي، تم اتخاذ الإجراءات التالية: فحص وتتبع الملامسين وعزل الحالات المشتبه بها، فرض القيود على الحركة وحظر التجول، إغلاق الحدود وإطلاق حملة التوعية الاجتماعية، وقف التجمعات الجماهيرية أو تقليص حجمها، بما في ذلك الزيارات الدينية”، مشيرة إلى أن “العراق حقق نجاحاً في المراحل الأولى من حربه ضد الجائحة، إلا أن الوضع بات يشهد ارتفاعا في عدد الحالات مؤخراً، ويمكن أن يُعزى ذلك إلى زيادة الفحوصات والرصد، فضلاً عن ضعف الالتزام بالتدابير الوقائية وتنفيذها”.
جهود الأمم المتحدة
وبينت بلاسخارت، أن “الأمم المتحدة في العراق تعمل حالياً بشكل وثيق مع وزارة الصحة وشركاء الصحة لتسهيل الفحوصات، وإنشاء مراكز عمليات الطوارئ، ومنع ومكافحة العدوى في مؤسسات الرعاية الصحية، وجمع وتحليل ونشر المعلومات المتعلقة باتجاه التفشي والاستجابة له، ويشمل هذا الدعم نشر فرق صحية متنقلة، وشحنات من معدات الوقاية الشخصية والأجهزة والمعدات الطبية (مكثفات الأكسجين، وشاشات وحدات العناية المركزة، وأسرِة المستشفيات وما إلى ذلك) ومجموعات الفحوصات المختبرية، وخدمات التواصل واسعة النطاق بشأن المخاطر”.
وأضافت، “على سبيل المثال لا الحصر، يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP بتجهيز 13 وحدة من وحدات العناية المركزة في المحافظات التي تعاني من نقص الخدمات، مع 240 من أجهزة التنفس وأجهزة تنظيم ضربات القلب وشاشات المراقبة والأسرة المتخصصة، وفي وقت سابق من هذا الشهر، نقلت منظمة الصحة العالمية WHO 300 مكثف للأوكسجين من مخازنها الإقليمية إلى العراق للتعامل مع النقص الفوري في إمدادات الأوكسجين في البلاد، كما اسهمت دول أُخرى بالإمدادات مباشرةً إلى السلطات العراقية”.  
وأوضحت الممثلة الخاصة، أن “الأمم المتحدة، أعدت وبالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العراقية، خطة استعداد واستجابة بقيمة 41 مليون دولار أميركي لتعزيز النظام الصحي والبنية التحتية في العراق، كما خصصت العديد من منظمات الأمم المتحدة خططاً للاستجابة بملايين الدولارات، وتشمل الأنشطة شراء المعدات الطبية الهامة مثل أجهزة التنفس، وإنشاء وحدات العزل، وتوفير معدات الحماية الشخصية للعاملين في مجال الرعاية الصحية وتدريب الملاكات، وتشمل هذه الجهود أيضاً تنسيق توريد مجموعات الفحص ومعدات الوقاية الشخصية، وتقديم الدعم الفني للمنافذ الحدودية والمطارات، وتعزيز الاتصال ونشر المعلومات، ودعم إدارة الحالات وفحصها”.
وتطرقت بلاسخارت إلى الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في سبيل تقديم الدعم للنازحين في المخيمات داخل البلاد، وقالت: «لقد تم إيلاء اهتمام خاص للنازحين واللاجئين في المخيمات من خلال توسيع نطاق الاستجابة للطوارئ وخطط التأهب للتعامل مع الوباء في أماكن المخيمات، وقد وصلت مفوضية شؤون اللاجئين UNHCR وبرنامج الأغذية العالمي WFP إلى ما يزيد عن 700,000 شخصٍ بالمساعدة النقدية، مما أتاح للنازحين واللاجئين شراء مواد النظافة الشخصية الضرورية وغيرها من المواد، كما تقدم المنظمة الدولية للهجرة IOM مساعدة نقدية للمهاجرين الضعفاء الذين فقدوا وظائفهم بسبب الجائحة، وتعمل مع الهيئات الحكومية لتعزيز القدرات عند منافذ الدخول الحدودية من أجل استجابة شاملة لديناميات التنقل البشري واتجاهات التفشي”.
وبعثت الممثلة الأممية خلال حديثها لـ “الصباح” رسالة إلى الشعب العراقي والمؤسسات الرسمية في البلاد، وقالت: “لقد زرتُ وزارة الصحة في بغداد مؤخراً لتوصيل رسالة بسيطة وعاجلة مفادها بأن (علينا أن نبقى ملتزمين بمكافحة انتشار كوفيد- 19على كل مستوى، ولكن بشكل أساسي من خلال أفعالنا الفردية)، لقد أثقل هذا المرض كاهل بلدان أكثر استعداداً من العراق بكثير، ولا يمكن لأي حكومة أن تتصرف بمفردها، لذا، ونظراً لأننا ما زلنا لا نمتلك لقاحاً، فإن تدابير الوقاية تظل أفضل أداة لدينا (التباعد الجسدي، والنظافة الصحية المناسبة، والتماس العلاج من دون خوف أو خجل)”.
وشددت بلاسخارت «على أهمية حملات التوعية التي تنفذها مختلف كيانات الأمم المتحدة، بما في ذلك حول الوقاية والنظافة الصحية ودور الجمهور ووسائل الإعلام»، مؤكدة ان «حملات الوقاية والتوعية هي خط دفاعنا الأول والأخير في ظل غياب دواء أو لقاح لهذا المرض، وخلال هذا الشهر، تم إطلاق حملة توعية كبيرة حول كوفيد-19 تستهدف 10 مناطق ذات خطورة عالية ومعدلات إصابة مرتفعة في بغداد حيث يقطن نحو 5 ملايين شخص، مع متطوعين يجوبون الشوارع لتقديم معلومات مهمة وتوزيع حزم الحماية الشخصية، كما تضمنت الحملة دعماً من شخصيات دينية بارزة ممن حشدوا آلاف المساجد في جميع أنحاء البلاد لنشر الرسائل الصوتية»، وبينت إن «هذه الحملة ستتوسع لتشمل محافظات أُخرى تكثر فيها العدوى مثل السليمانية وميسان وواسط والبصرة، وقد أكملت اليونيسيف في وقت سابق من هذا الشهر تدريباً لنحو 150 من الكوادر الصحية على التعقيم والرعاية الصحية وخدمات التواصل بشأن المخاطر في سياق جائحة كوفيد- 19. وبدورهم، سيقوم هؤلاء العاملون بتدريب زملائهم».
وأكدت ان “هذا جهد وطني لخفض المنحنى وتسطيحه، وآمل أن يعمل الجميع معاً لتحقيق هذه الغاية، ويمكن للسلطات الصحية المحلية والإقليمية والوطنية أن تواصل الاعتماد على الدعم الثابت من الأمم المتحدة”.

الحوار العراقي الأميركي
ملف المحادثات العراقية – الأميركية، كان حاضراً في الحديث مع بلاسخارت، وبسؤالها عن دعم الأمم المتحدة تلك المحادثات على أساس المصالح المشتركة بين البلدين ودعم سيادة العراق، أكدت المسؤولة الأممية، ان “الأمم المتحدة في العراق، وتماشياً مع تفويضها، تدعم سيادة العراق، ونحن نؤيد جهود حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في هذا الصدد، لا سيما مكافحتها للإرهاب، فلقد هُزمت داعش عسكرياً لكنها لا تزال يشكل تهديداً، لذلك، فإن مواصلة المناقشات حول كيفية المضي قدما بشأن هذه القضية مع الولايات المتحدة تعد أمراً بنّاءً، وأكيداً مع الدول الأُخرى صاحبة المصلحة أيضاً، على أساس احترام السيادة والمصالح المتبادلة”، وقالت: “نحن نرحب بهذا الحوار العراقي - الأميركي، وأي حوارٍ آخر يُسهم في استقرار العراق وازدهاره وسيادته على المدى الطويل”.
وتجدر الإشارة إلى أن الحوار الستراتيجي مع الولايات المتحدة لا يقتصر فقط على الأمن ومكافحة الإرهاب؛ بل يمتد أيضاً إلى الاقتصاد والطاقة، والقضايا السياسية والعلاقات الثقافية، وبينت بلاسخارت أن الحوار “يساعد في تشكيل علاقة ستراتيجية طويلة الأمد تفيد كلا الطرفين، وينبغي تشجيعه”.
وبشأن نظرة الأمم المتحدة لمدى قدرة حكومة الكاظمي على اتخاذ خطوات جدية لإبعاد العراق عن التجاذبات أو التنافس، قالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة :”العراق يواجه تحديات اجتماعية وسياسية وأمنية واقتصادية وصحية متعددة، وسيتطلب الأمر دعماً واسعاً للتغلب على هذه القضايا، وتؤكد الحكومة في برنامجها السيادة الوطنية والعلاقات المتوازنة والتعاون بوصفها الركائز الثلاث لأجندتها للعلاقات الخارجية”.
وأكدت بلاسخارت، ان “دعوتنا إلى ضرورة تجنيب العراق تنافس المصالح بين الخصوم الإقليميين والعالميين ليست جديدة، إذ نجدد التأكيد عليها في كل مناسبة، فالعراق يستحق فرصة للتعافي بعد سنوات من عدم الاستقرار، ونحن نعتقد أن حماية العراق من الاستقطاب الإقليمي ستساعد العراقيين على إيجاد حلول لمشكلاتهم الداخلية العديدة بمفردهم”، وأضافت، انه “على المدى المتوسط إلى المدى البعيد، من المهم أيضاً الالتفات إلى أن عراقاً أقوى وأكثر ازدهاراً يمكن أن يصبح منتدىً للحوار الإقليمي بدلاً من ساحة للصراع بالوكالة”.

ملف الانتخابات
وبخصوص الانتخابات المبكرة وإمكانية إجرائها، أوضحت بلاسخارت، إن “حكومة العراق تعهدت بإجراء انتخابات مبكرة وحرة ونزيهة وذات مصداقية”، واستدركت بالقول: “إلا أن الحكومة لا تستطيع تحقيق ذلك بمفردها، فهي بحاجة إلى دعم القوى السياسية في مجلس النواب وخارجه، ويحدونا الأمل في أن تتعاون الحكومة والقوى السياسية لتحقيق هذه الغاية، وبالتالي تلبية أحد المطالب والتطلعات الشعبية الرئيسة”.
واشارت بلاسخارت، إلى أن “تنظيم الانتخابات يستغرق وقتاً، ومن المهم الشعور بإلحاح هذا الموضوع، وهناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به لإجراء الانتخابات بما في ذلك استكمال الملحقات الفنية لقانون الانتخابات، ومن المهم أن يتم عمل ذلك بالشكل الصحيح”، مؤكدة ان “الانتخابات الشفافة ضرورية لبناء ثقة الجمهور”.
وشددت على ان “الأمم المتحدة مكلفة بتقديم المشورة والدعم الفني للمؤسسات الوطنية العراقية، ونحن نقوم بذلك، وسنستمر في تقديم كل المشورة والدعم المطلوب، ونعيد التأكيد على وجهة نظرنا الراسخة بأن هذه الانتخابات يجب أن تكون بقيادة العراقيين ومِلكاً للعراقيين، ولكي تكون الانتخابات ذات مصداقية ومقبولة لجميع العراقيين، يجب حماية المفوضية العُليا المستقلة للانتخابات من التدخل السياسي”.
وأضافت، ان “تقديم المشورة والدعم والمساعدة للحكومة لتعزيز الحوار السياسي الشامل والمصالحة الوطنية والمجتمعية جزء مهم من تفويض بعثة (يونامي)، ودعم اللاجئين والنازحين هو دور رئيس آخر لأسرة الأمم المتحدة في العراق، وهذا يعني أن هناك إمكانية للأمم المتحدة لرعاية الحوار والتقارب، بما في ذلك قضية النازحين، بالتنسيق مع حكومة العراق”.
ختمت بلاسخارت حوارها مع “الصباح”، بالحديث عن تقييم الأمم المتحدة لسياسات العراق الخارجية خلال المرحلة الحالية، حيث قالت: “يبدو أن الحكومة العراقية تعمل على بناء علاقات متوازنة وذات منفعة متبادلة مع دول المنطقة والشركاء الستراتيجيين وبقية المجتمع الدولي، وهو أمر مشجع”.وأضافت، ان “هذه العلاقات تتجلى أهميتها خاصةً في هذه الأوقات الصعبة، حيث يحتاج العراق إلى دعم خارجي مستمر بشأن مجموعة واسعة من القضايا الداخلية - كتنفيذ الإصلاحات ومعالجة الأزمات الصحية والاقتصادية ومكافحة داعش والحفاظ على السيادة وسلامة الأراضي”، مبينة أن “الأمم المتحدة ترحب وتؤيد أي مساعٍ سلمية ودبلوماسية لحل القضايا العالقة، ونحن على استعداد لتقديم المشورة والدعم والمساعدة لحكومة العراق في تسهيل الحوار والتعاون الإقليمي