عبد المهدي يوصي بانهاء التواجد الاجنبي

سياسية
  • 5-01-2020, 14:13
+A -A

ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام
بغداد- واع

تنشر وكالة الأنباء العراقية (واع) نص رسالة رئيس الوزراء الموجهة الى مجلس النواب ،التي أشار خلالها الى عدة نقاط أبرزها أنه يوصي بالذهاب الى إنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق وحسم ملف تشكيل الحكومة المقبلة وإنهاء حالة تصريف الأمور اليومية.

كما جاء في نص الرسالة أن الحكومة العراقية لم تعط أي موافقات بالدخول للخضراء وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب طلب أن يلعب العراق دور وسيط للتهدئة مع إيران وأن الجانب الأميركي نقل لنا استهداف إسرائيل لمقرات الحشد.

كما أشار عبد المهدي الى قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي كان يحمل رسالة من الجانب الإيراني بخصوص رسالة سعودية وأن الاستهداف الأميركي أضاف تعقيدات جديدة على المشهد، وأنه سيصعب على القوات العراقية الآن حماية القوات الأجنبية.

وفيما يأتي نص الكلمة:

‎‎بسم الله الرحمن الرحيم

 

السيد رئيس مجلس النواب الموقر.. النائبان المحترمان.. الاخوة والاخوات اعضاء المجلس المحترمون

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعزي نفسي واعزيكم والشعب العراقي والعالم بالقوافل المتعاقبة من الشهداء التي يقدمها الوطن وابناؤه، واخرها ثلة الشهداء الذين سقطوا خلال الايام القليلة الماضية بعد العدوان الاثم الذي تعرضوا له. فانا لله وانا اليه راجعون.

ساحاول الاختصار لاوجز لمجلسكم الموقر الاحداث والتداعيات الاخيرة التي وصلنا اليها والموقف المطلوب اتخاذه. ساتناول في الجزء الأول تسلسلا سريعا للاحداث ، وفي الثاني القاعدة القانونية لوجود القوات الامريكية، وفي الجزء الثالث القرار المطلوب اتخاذه ومضاعفاته، مع التوصيات والخاتمة

اولاً: نبذة عن تطور الاحداث

ليس سراً توتر العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الامريكية وانعكاسات ذلك على الساحة العراقية. لا اتكلم قبل 2003 بل اتكلم فقط بعد 2003. رغم ذلك كانت هناك فترات ايد فيها الطرفان مواقف الحكومة العراقية كما في فترة اقرار الدستور او الانتخابات التشريعية او دعم العملية السياسية وغير ذلك. بل قاتل الطرفان – كل من موقعه – ضد الارهاب وداعش ودعما القوات المسلحة العراقية لتحقيق انتصار نهائي في 2017.

في نيسان 2018 وخروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي ازدادت حدة التوتر بين الطرفين.. وفي تشرين الثاني 2018 اي بعد 10 ايام تقريباً من تشكيل الحكومة العراقية الحالية بدأت الحزمة الاولى من العقوبات على ايران.

اعلنت هذه الحكومة انها ليست جزءاً من منظومة العقوبات كما انها ليست جزءاً من اية منظومة معادية للولايات المتحدة او غيرها من دول صديقة. كما اعلنت الحكومة ان الحشد الشعبي الذي ولد من رحم الحرب ضد داعش وكانت بدايته الفتوى المرجعية المشهورة والذي يتكون 100% من عناصر عراقية هو جزء من المنظومة الامنية العراقية. وصدرت الاوامر بالبدء بعملية تنظيمية واسعة. فمن يريد التحول الى قوة سياسية عليه ان يتخلى عن السلاح. ومن يريد ان يندرج في اطار القوات المسلحة فعليه ان يتخلى عن ولاءاته لاية جهة حزبية وسياسية غير الالتزام بالمؤسسة العسكرية الرسمية والقائد العام للقوات المسلحة.

لم نكن نفترض ان تطبيق الامر سيتم فوراً ومن الجميع، ولكن الاغلبية الساحقة انصاعت للامر وبقينا نحاول مع المعترضين. وللتاريخ اقول ان الشهيد ابا مهدي المهندس لعب في مناسبات عديدة دوراً ايجابياً في السيطرة على بعضها وعدم ارتكابها انتهاكات لا يقبلها القانون.

بعد ما حصل للاتفاق النووي ازداد تشدد الولايات المتحدة مع ايران، وبدأت تطرح معنا ومع غيرنا سياسة (اما معي او ضدي) ولا امر اخر بينهما. ويقيناً ان هذا موقف يصعب على العراق تبنيه. وبرغم شرح موقفنا مراراً وتكراراً الى المسؤولين الامريكان على مدى شهور وبكل صراحة ووضوح وعلى اعلى المستويات، فلم يؤد ذلك كله الا الى ازدياد الشكوكيات والضنيات. فنظرة الولايات المتحدة تجاه العراق أصبحت في امور كثيرة جزءاً من سياساتها تجاه إيران، وأخذت تتعامل بشكل متزايد مع ملفات العراق من وجهة نظر صراعها مع إيران، رغم اننا بدأنا بتعزيز علاقاتنا بجميع دول الجوار ليس مع ايران فقط بل مع دول بعيدة عن ايران وصديقة للولايات المتحدة كالسعودية والاردن ومصر والكويت وتركيا والامارات وقطر وغيرها من دول ايضاً. وبدأنا نشعر بتراجع الثقة بيننا وبين الطرف الأمريكي ما دمنا خارج منظومة العقوبات ضد إيران ولا نوافقها على العديد من سياساتها داخل العراق او خارجه ، التزاماً بالمنهاج الوزاري الذي منح مجلسكم الموقر الثقة لهذه الحكومة بموجبه.

ازدادت الشكوك ومحاولات التشكيك مع كل خبر عن سقوط صاروخ او حصول عدوان على قاعدة عسكرية عراقية يتواجد فيها عناصر من قوات التحالف. رغم ذلك كان الامن في البلاد في تحسن مستمر وكذلك المعركة ضد داعش، ورفعت الحواجز وفتحت الخضراء واصبح مسؤولون وممثلون دبلوماسيون امريكيون يرتادون الاماكن العامة والمطاعم بكل امن وحرية وحافظت الحكومة على التزاماتها كاملة. لكن مع ارتفاع حدة التوتر وحصول سلسلة تفجيرات في مستودعات للحشد في صيف 2019، نقل لنا الجانب الامريكي ان بعضها قامت به اسرائيل. وازداد الشحن السياسي والامني والنفسي ايضاً مع بدء التظاهرات في الاول من تشرين الاول 2019 وهي الاحداث التي ادت الى تقديم استقالة الحكومة في 29/11/2019.

وجهت الحكومة الامريكية عدة تحذيرات بان تعرض قواتها للخطر سيؤدي الى رد فعل مباشر على الفعل ومن يقف خلفه.. وبعد حادثة سقوط صواريخ في محيط مطار بغداد وسقوط عدد من الجرحى العراقيين يوم 27/12/2019، ثم حادثة (ك 1) (27/12/2019) ووفاة متعاقد امريكي وسقوط عدد من الجرحى العراقيين نفذت الطائرات الامريكية القادمة من خارج العراق يوم 29/12/2019 هجوماً على اللواءين 45 و46 حشد في القائم والذي كان من نتيجته سقوط اعداد كبيرة من الشهداء والجرحى. وقد رفضت الحكومة العراقية الاعتداء بعد إخبارها من قبل وزير الدفاع الامريكي بالقرار الأحادي الأمريكي بدقائق قبل تنفيذ القصف، وحذرنا ان مثل هذه الاعمال ستكون لها ردود فعل عنيفة لا يمكن السيطرة عليها، وهو ما تم توضيحه في البيانات الرسمية التي شجبت جميع هذه الاعمال وبغض النظر عن الجهة التي قامت بها.

وفي يوم الثلاثاء 31/12/2019 وخلال تشييع الشهداء في الجادرية توجه عدد غير قليل من المشيعيين الى المنطقة الخضراء عبر بوابة الجسر المعلق، وكان هدفهم المعلن اداء صلاة الجنازة على الشهداء المتواجدة جنائزهم في مقر هيئة الحشد في الخضراء فيما توجه بعضهم إلى السفارة الأمريكية. لم تعطِ الحكومة او الجهات الامنية اية موافقات بالدخول الى المنطقة الخضراء ، ورفضت ببيان رسمي هذا العمل فوراً وطلبت من المتظاهرين مغادرة المكان. وخلال يوم الثلاثاء والاربعاء تم استدعاء 6 افواج عسكرية بما في ذلك فوجين من قوات مكافحة الارهاب. قام المتظاهرون مرات عديدة بحرق الاطارات او حاولوا العبور الى حرم السفارة ورموا الحجارة والنيران على الاسوار والمكاتب الخارجية وحاولوا كسر زجاجها. لكن القوات الامنية منعتهم في كل مرة بل قامت الحكومة بارسال وزير الداخلية مع قادة اخرين ليشرفوا ميدانياً على عملية حماية السفارة الأمريكية منعاً من اقتحامها ووقف عند احدى بواباتها. رفضت الحكومة اعطاء غطاء حكومي للتظاهرات لذلك قام السيد رئيس هيئة الحشد الاستاذ فالح الفياض ظهر الاربعاء بالتهديد بالاستقالة ان لم ينسحب المتظاهرون، وقد ايده الاستاذ هادي العامري وعدد غير قليل من المسؤولين، وقام رئيس مجلس الوزراء بالتهديد بترك المنصب ايضاً، وهو ما دفع المسؤولين عن التظاهرات الى الانسحاب من امام السفارة خلال ساعات قليلة وانتهاء الازمة. وللتاريخ ايضاً لعب الشهيد ابو مهدي المهندس دوراً محورياً في اقناع المتظاهرين بالانسحاب بعد ان جلبوا خيامهم وعُددهم وبدأت اعدادهم بالازدياد وكانوا ينوون الاعتصام امام السفارة اعتصاماً مفتوحاً حتى تحقيق مطاليبهم.

تلقى رئيس مجلس الوزراء مكالمات من اعلى الجهات الرسمية الامريكية تشكر موقف الحكومة العراقية، وقد توج ذلك بمكالمة بناءة من الرئيس الامريكي السيد دونالد ترامب يدعو العراق للعب دور وسيط للتهدئة مع ايران باعتبار ان الطرفين يصرحان بانهما لا يريدان الحرب. بالمقابل اخذت الطائرات السمتية الامريكية والمسيرة تجوب اجواء بغداد دون اذن من الحكومة العراقية وبدأت الحكومة تتلقى طلبات باستقدام المزيد من الجنود الامريكان لحماية القواعد والسفارة الامريكية وبدخول مناطق الحظر الجوي وتزويد الجانب الامريكي بالترددات والاشارات الجوية وهو الامر الذي رفضت الحكومة العراقية اعطاء موافقات. وكررت للقادة العسكريين والسياسيين الاميركيين ان العراق لن يوافق الا على الاسس التي جاءت من اجلها القوات وعلى الاعمال المشتركة ولا يقبل باي قرار او عمل احادي.

في مساء يوم الخميس 2/1/2020 وقبل ضربة المطار الاخيرة، ومع تراكم هذه الاحداث، اتصلت بنائب رئيس مجلس النواب الاستاذ حسن الكعبي (بسبب سفر السيد رئيس المجلس) للتباحث حول عقد اجتماع استثنائي لمجلس النواب الموقر، لكن في فجر يوم الجمعة 3/1/2019 قامت الطائرات الامريكية المسيرة بقصف جوي استهدف الشهيدين ابي مهدي المهندس والجنرال سليماني وشهداء اخرين من العراقيين والايرانيين مما اضاف تعقيدات جديدة على المشهد وجعل عقد هذا الاجتماع ضرورة لا مفر منها. وللتاريخ اذكر ايضاً بانني كنت على موعد مع الشهيد سليماني في الساعة الثامنة والنصف من صباح استشهاده وكان من المقرر ان يحمل لي رسالة من الجانب الايراني رداً على الرسالة السعودية التي اوصلناها للجانب الايراني للوصول الى اتفاقات وانفراجات مهمة في الاوضاع في العراق والمنطقة.

ثانياً: الاساس القانوني لوجود القوات: ان وجود القوات الامريكية في العراق وبالتالي قوات التحالف يعود اساسه الى رسالتين من الخارجية العراقية الى مجلس الامن للامم المتحدة حددت مهمة القوات، بمحاربة داعش، وبتدريب القوات العراقية وتقديم المساعدات التكنولوجية وتنشيف منابعه داخل وخارج العراق، ولم يحدد اية مهام اخرى. ولا اساس قانوني اخر بعد ان اتفق العراق والولايات المتحدة على جدولة انسحاب القوات التي دخلت العراق في فترة سابقة والذي انجز، اي الانسحاب، في كانون الاول 2011.

رسالة وزير الخارجية الأسبق السيد هوشيار زيباري في 25 حزيران 2014 الموجهة الى الامين العام والتي قدمها الممثل الدائم للعراق لدى الامم المتحدة والتي تم فيها شرح الظروف الصعبة التي يمر بها العراق بسبب عمليات داعش الارهابية وطالب العراق المساعدة "على هزيمة داعش وحماية اراضينا وشعبنا، وبشكل خاص نطالب الدول الاعضاء لتقديم المساعدات في التدريب العسكري، والتكنولوجيا المتطورة، والاسلحة الضرورية ووفق ما تطلبه الحالة لحرمان الارهابيين من الاستفادة من قواعد الانطلاق والملاذات الامنة".. وتابعت الرسالة انه "في هذه اللحظة الحرجة فاننا نواجه تهديداً خطيراً من المنظمات الارهابية الدولية ولذا نطلب مساعدة عاجلة من الاسرة الدولية. ونطلب تقديم هذه المساعدة وفقاً للاتفاقيات الثنائية والمتعددة الاطراف والاحترام الكامل للسيادة الوطنية والدستور العراقي والتي وافقت عليها الحكومة العراقية من خلال مؤسساتها الدستورية واستناداً الى قرار مجلس الامن 1770 (2007) الذي منح العراق حق الطلب من الامم المتحدة وضمن ما تراه مناسباً له ولمصالحه وسيادته وبما لا ينتقص او يقوض من هذه السيادة"

رسالة وزير الخارجية السابق السيد إبراهيم الجعفري في 20 ايلول 2014 المكملة للرسالة السابقة والتي حملها الممثل الدائم للعراق لدى الامم المتحدة الى رئيسة مجلس الامن والتي نصت من جملة ما نصت عليه الاتي: "اعترف المجتمع الدولي في مؤتمر باريس في 15 ايلول 2014 بان داعش يشكل تهديداً للعراق، ونحن نرحب بالتزام 26 دولة بدعم حكومة العراق الجديدة في حربها ضد داعش بكافة الوسائل الضرورية بما في ذلك المساعدة العسكرية المناسبة بتأمين الغطاء الجوي، وبالتنسيق مع القوات المسلحة العراقية ووفقاً للقانون الدولي ودون التعرض لأمن المدنيين، وتحاشياً لضرب المناطق الاهلة بالسكان ومراعاة للسيادة العراقية".. "ان العراق يثمن الدعم العسكري الذي يتلقاه، بما في ذلك الدعم العسكري من الولايات المتحدة الامريكية استجابة لطلبات العراق المحددة، والتي لدينا معها اتفاقية الاطار الاستراتيجي، مما يمكن مثل هذا الدعم من تحقيق تقدم كبير في حربنا ضد داعش، ان العراق وان كان بحاجة الى مساعدة الاشقاء والاصدقاء في محاربة ما يواجهه من الارهاب الاسود الا ان الحفاظ على سيادته واستقلالية قراره يحظى باهمية بالغة، فلابد من رعاية ذلك في كل الاحوال. لهذه الاسباب وتوافقاً مع القانون الدولي ووفقا للاتفاقيات الثنائية والمتعددة الاطراف والاحترام الكامل للسيادة الوطنية والدستور، طلبنا من الولايات المتحدة الامريكية قيادة جهود دولية مع موافقتنا المحددة لضرب مواقع داعش وحواضنها العسكرية والتي من شأنها انهاء التهديدات المستمرة للعراق وحماية المواطنين العراقيين وفي نهاية المطاف تمكين القوات العراقية وتسليحها لتأدية مهمتها في استعادة السيطرة على الحدود العراقية"

ثالثاً: القرار المطلوب اتخاذه ومضاعفاته: كان بالامكان حسب شرح السيد وزير الخارجية العراقي والقانونيين في جلسة المجلس الوزاري للامن الوطني المنعقدة بتاريخ 3/1/2020 ان يتخذ المجلس المذكور القرار الذي تراه الحكومة العراقية محققاً لمصالح العراق دون الرجوع إلى مجلس النواب الموقر. ولقد اجمع اعضاء المجلس في الاجتماع المذكور انه من مصلحة العراق والولايات المتحدة في ظل هذه الظروف انهاء هذا التواجد بعد التطورات الاخيرة والسعي لابقاء علاقات صداقة بين الطرفين ومنعه من ان يكون ساحة لصراع او حرب، سعى لابعاد نفسه عنها. فالاساس القانوني لتواجد القوات الاجنبية اسسته الرسالتان المشار اليهما انفاً والصادرة من الحكومة العراقية واللتان وقع عليهما وزيرا الخارجية ولم تصدر بقرار من مجلس النواب. لكن واقع الحكومة الحالي والاوضاع في البلاد، ولان هذا موضوع في غاية الاهمية بالنسبة لما يدور في العراق والمنطقة والتداعيات المرتقبة بعد استشهاد قائدين كبيرين كالمهندس وسليماني، ولان الحكومة حريصة على بلورة وتبني موقف وطني واضح ومستدام يستند إلى قاعدة عريضة حيال هذا الملف الاستراتيجي الخطير، لذلك نعرض على مجلسكم الموقر التفكير جدياً ودراسة الخيارات وتبعات كل منها قبل اتخاذ القرار الذي يحمل مصلحة البلاد ويحمي سيادتها ويمنع انتهاك امنها والتدخل في شؤونها ومن اي طرف او يقود لتعريض مواطنيها او اي مواطن اجنبي يعيش على ارضها للخطر والتهديد او يهدد نسيجنا الوطني او علاقاتنا الخارجية او امن وسلامة البعثات الدبلوماسية والقنصلية والمصالح الوطنية والاجنبية العاملة في العراق.

لذلك ، أننا أمام خيارين رئيسيين:

انهاء تواجد القوات باجراءات عاجلة ووضع الترتيبات لذلك.

او العودة الى مسودة قرار كانت مطروحة امام مجلس النواب الموقر قبل مجيء هذه الحكومة ينص "ان شروط تواجد اي قوات اجنبية في العراق تنحصر بدورها بتدريب القوات الامنية العراقية ومساعدة العراق في ملاحقة خلايا داعش الارهابية تحت اشراف وموافقة الحكومة العراقية سواء في حركة هذه القوات او استخدام الاجواء العراقية. ولا يجوز تواجد قوات اجنبية تتولى مهام قتالية على الاراضي العراقية. وحيث انه قد مضى اكثر من سنتين على انهاء دولة الخرافة الداعشية فان على الحكومة العراقية ان تضع جدولاً زمنياً ملزماً بتخفيض اعداد هذه القوات باتجاه انهاء وجودها بالكامل على الارض العرااقية وبما يحقق المصلحة العراقية والسيادة الوطنية."

ويقينا سيضع مجلس النواب عبر الكتل والنواب مقترحات لنصوص تشريعية تحقق الخيار الصحيح.

ولكن قبل ان يقرر المجلس الموقر خياره اضع امامكم الحقائق الاتية:

ازداد التعارض بين اولويات العراق والولايات المتحدة الامريكية مما زعزع الثقة بين الطرفين تغذيها نيران اعتراضات مختلفة من قبل الولايات المتحدة على الحشد الشعبي او على علاقات العراق بواحد من أكبر جيرانه والضغوط المتزايدة في نظام العقوبات والتجاوز المتكرر في ممارسات تتعلق بالسيادة العراقية واتخاذ قرارات انفرادية تجريمية على شخصيات عراقية بل وشن عمليات عدوانية قاتلة على معسكرات رسمية وشخصيات رسمية عراقية واجنبية واعطاء الاولوية لحماية القوات الاجنبية من العراقيين والتي من المفترض انها جاءت لحماية العراقيين الخ.. ومع هذا التعارض سيصعب اللجوء الى الخيار (2).. فاذا كانت الحجة هي ان المعسكرات تهاجم من عناصر غير منضبطة فهذا واجب القوات العراقية وليس واجب اي طرف اجنبي ان يتصرف بمفرده. فما حصل يوم الجمعة من اغتيال الشهيدين ابو مهدي المهندس والفريق سليماني ورفاقهم العراقيين والايرانيين هو اغتيال سياسي عليه جدل قانوني واسع اليوم حتى في الولايات المتحدة ذاتها، فكيف يمكن للعراق ان يقبل به ويعتبره عملاً يخدم العراق. بل اؤكد اننا كنا نمتلك قبل الاغتيال ادوات ضغط وضبط في العديد من الحالات، واننا فقدنا جزءاً مهماً منها الان.

ان الذهاب الى الخيار (1) حتى مع احتمال مضاعفات انية هو الخيار الاصح في النهاية عملياً وعقلياً ومصلحة وحكمة وسيادة ولمنع الانحراف عن مقاتلة الارهاب وداعش، كما انه الخيار العملي الوحيد الممكن لحماية جميع المتواجدين على الارض العراقية، اذ سيصعب على القوات الاجنبية حماية نفسها من ضربات تأتي من داخل العراق او خارجه، وسيصعب على القوات العراقية القيام بحمايتها بعد الذي حصل مؤخراً وتغلب لغة التفرد بقرارات الرد وعدم اللجوء للحلول السلمية والسياسية، رغم ذلك على مجلس النواب الموقر ان يضع بالحسبان، وان نوضح جميعاً للشعب العراقي بانه – ان سارت العملية تصادمياً ورأها البعض بشكل عدائي وليس تصويبي وتصحيحي – فقد تكون هناك كلفاً سياسية واقتصادية ونقدية وامنية وفي العلاقات الدولية ليس فقط مع الولايات المتحدة بل مع الكثير من دول التحالف الدولي. فالسنوات الماضية راكمت الكثير من الترتيبات التي باتت جزءاً من الكثير من المؤسسات العسكرية والاقتصادية والسياسية العراقية، وهو ما يتطلب اعلى درجات الوحدة الوطنية وادارة سياسة ترعى مصلحة العراق اولاً قائمة على الصداقة خصوصاً مع الدول التي وقفت معنا ضد داعش وعلى حسن الجوار ومراعاة المواثيق الدولية وعدم التدخل في شؤوننا او ان نتدخل في شؤون احد وحماية سيادتنا واستقلالنا ومصالحنا العليا، وتغيير القوى السياسية للكثير من السلوكيات الامنية والادارية والاقتصادية والسياسية واستبدال منطق اللادولة بمنطق الدولة، ومنطق طلب كل شيء دون تحمل مسؤوليات اي شيء ومنطق الكسل والاتكال على الموارد النفطية واستبدال ذلك بمناهج تنمي الناتج الوطني الاجمالي وتحارب البطالة ليس عبر التعينات فقط بل اساساً عبر تنشيط القطاعات الحقيقية وتوفير الحقوق الحقيقية وليس الامور الترقيعية والمفسدة.

رابعاً: خاتمة وتوصيات: التوصية التي اوصي بها كرئيس مجلس الوزراء وكقائد عام للقوات المسلحة هو الذهاب الى الخيار (1) فرغم بعض الصعوبات الداخلية والخارجية التي قد تواجهنا، لكنه يبقى الافضل للعراق مبدئياً وعملياً، بل هو افضل لاعادة تنظيم علاقات صحية وصحيحة مع الولايات المتحدة وبقية الدول تؤسس لصداقة أصولية متينة على أساس احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتعزيز المصالح المشتركة. فالعراق عاش بدون قوات اجنبية للفترة من 2011 و 2014 ولم تتدهور علاقاته لا بالولايات المتحدة ولا باي طرف اخر رغم ان الظروف الحالية في الصراع ضد داعش هي افضل مما كانت عليه يومها.. وعلى مجلس النواب اتخاذ ما يراه من قرارا مناسبا.

ختاماً ، انتهز هذه الفرصة للتأكيد على مجلسكم الموقر حسم ملف تشكيل الحكومة القادمة التي تجاوز مدته الدستورية ، وانهاء حالة تصريف الأمور اليومية ، خصوصا في مثل هذه الظروف الخطيرة التي تتطلب صلاحيات كاملة واستقراراً في سياسات السلطة التنفيذية ، برغم تقديري لصعوبة التحديات التي يواجهها مجلسكم الموقر، وهو الأمر الذي كنت قد حذرت منه قبل تقديم الاستقالة حين أعلنت برسائل وخطابات عدة استعداد الحكومة لتقديم استقالتها شريطة تقديم البديل تجنباً للوقوع بهذا الفراغ الذي نعاني تبعاته الآن.

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

عادل عبد المهدي

رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة

بغداد

5/1/2020